تعريـــــــــــــــــــــــــــــف العبـــــــــــــــــــــــــادة ..
التوحيد لا يتحقق إلا بأمرين :
1 / الشهادة له بالوحدانية في ذاته وصفاته .
2 / قصده وإرادته وحده دون سواه في جميع العبادات .
والعبادة أسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة , فالظاهر كالتلفظ بالشهادتين والصلاة والصوم والباطنة كالإيمان بالله وملائكته والكتب والرسل والخوف والرجاء .
العبادة الحقيقية :
العبادة الحقه هي التي ينقلب صاحبها بين حب الله , والخوف منه والتذلل له , ورجائه والطمع في رحمته .
فالعابد لا حبا ولا خوفا ولا رجاء إنما يؤدي حركات جوفاء لا تغني بالنسبة له شيئا .
والعابد حبا بلا تذلل ولا خوف ولا رجاء كثيرا ما يقع في الذنوب والمعاصي فيزعم إ‘نه يحب الله ويترك العمل ويتجرأ على الذنوب , وقديما زعم قوم حب الله من غير عمل فاختبرهم الله بقوله
( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ) " سورة آل عمران : 31 "
فمن ادعى محبة الله ولم يكن متبعا رسوله فهو كاذب .
وقال الشافي رحمة الله : ( إذا رأيتم الرجل يمشى على الماء , ويطير في الهواء , فلا تصدقوه حتى تعلموا متابعته لرسول الله )
وكذلك الرجاء وحده إذا لم يقترن بخوف الله وخشيته فإن صاحبه يتجرأ على معاصي الله , ويأمن مكره , قال تعالى :
( فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون ) " سورة الأعراف : آية 99 "
وكذلك الخوف إن لم يقترن بالرجاء فإن العابد يسوء ظنه بالله , ويقنط من رحمته , وييأس من روحه , وقد قال الله تعالى : ( إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ) " سورة يوسف : آية 87 "
فالعبادة الحقة هي التي يكون صاحبها بين الخوف والرجاء , قال تعالى : ( يرجون رحمته ويخافون عذابه ) " سورة الإسراء : آية 57 "
وبين الرغبة والرهبة , قال تعالى : ( إنهم كانوا يسارعن في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين ) " سورة الأنبياء : آية 90 "
فالعبد الصالح تارة يمد الرجاء والرغبة فيكاد يطير شوقا إلى الله , وطورا يقبضه الخوف والرهبة فيكاد يذوب من خشية الله , فهو دائب في طلب مرضاة ربه مقبل عليه خائف من عقوباته ملتجئ منه إليه , عائذ به منه راغب فيما لديه .
أركان العبادة :
للعبادة أركان ثلاثة :
1 / الإخلاص : بأن يقصد العبد وجه ربه والدار الآخرة , قال الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى , فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله , ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه ) "رواه البخاري ـ ومسلم " وترك الإخلاص يبطل العبادة .
2 / الصدق : ونريد به الصدق في العزيمة بأن يبذل العبد جهده في امتثال أمر الله واجتناب نهيه , ولاستعداد للقائه , وترك العجز , وترك التكاسل عن طاعة الله .
3 / متابعة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلا يعبد الله إلا وفق ما شرعه الله , وما جاء به الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أما أن يعبد الناس ربهم بغير علم فهذه هي البدعة التي حذر منها الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وذم فاعلها , وأخبر إن عمله ضلالة فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( كل محدثة بدعة , وكل بدعة ضلالة , وكل ضلالة في النار ) وصاحب البدعة عمله مردود عليه غير مقبول منه .
ففي الصحيحين عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : قال الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) .
لا عبادة إلا بهذه الأركان :
فما لم توجد العزيمة الصادقة لا توجد العبادة . إذ تصبح العبادة تمنيات وآمالا لا يكاد يهم المرء بفعلها حتى تخبو إرادته وتنحل , وما لم يوجد الإخلاص ومتابعة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإن العبادة لا يقبلها الله تعالى .
أنواع العبادات التي لا يجوز أن يقصد بها غير الله .
1 / عبادات اعتقادية : وهذه أساس العبادات كلها , وهي أن يعتقد العبد أن الله هو الرب الواحد الأحد الذي له الخلق والأمر , وبيده النفع والضر , الذي لا شريك له , ولا يشفع عنده أحد إلا بإذنه , وأنه لا معبود بحق غيره .
2 / عملية قلبية : والعبادات القلبية التي لا يجوز أن يقصد بها إلا الله وحده , وصرفها لغيره شرك كثيرة , كالخوف والرجاء , والرغبة والرهبة , والخشوع والخشية , والحب والإنابة , والتوكل والخضوع .
3 / قولية / كالنطق بكلمة التوحيد . إذ لا يكفي اعتقاد معناها بل لابد من النطق بها , وكالاستعاذة بالله , والاستعانة ولاستغاثة به , والدعاء له , وتسبيحه وتمجيده , وتلاوة القرآن .
4 / بدنية : كالصلاة والصوم , والحج والذبح , والنذر وغير ذلك .
5 / مالية / كالزكاة وأنواع الصدقات , والكفارات , والأضحية والنفقة.